مع بداية كلّ سنة كشفيّة، تحرص كشّافة المقاصد الإسلاميّة على أن تكون انطلاقتها مدروسة ومنظّمة، ترتكز على أسس تدريبيّة قويّة تضمن تنمية قدرات القادة وصقل مهاراتهم، ممّا ينعكس مباشرة على جودة العمل الكشفيّ مع الفتية، في مختلف الأعمار والمراحل. وقد أولت الجمعيّة، هذا العام، أهميّة قصوى للتحضير الجيّد والمبكّر، من خلال سلسلة من النشاطات والدورات التي تستهدف القادة على المستويين المحليّ والوطنيّ.
اِنطلقت الاستعدادات للسنة الكشفيّة الجديدة، من خلال دورات تحضيريّة محليّة للقادة، نظّمتها مفوضيّات الجمعيّة على امتداد فروعها. تميّزت هذه الدورات بمحتواها الغنيّ والمتنوّع؛ إذ لم تقتصر على الجانب النظريّ للعمل الكشفيّ، بل شملت أيضًا تدريبات عمليّة في مجالات القيادة، تنظيم النشاطات، التخطيط للبرامج، إدارة الوقت، وطرق التعامل مع الفتية بمختلف أعمارهم.
وقد ركّز المدرّبون، في هذه الدورات، على تعزيز روح الانتماء للمؤسسة المقاصديّة، وتأكيد القيم الكشفيّة الأصيلة، والعمل الجماعيّ، إضافة إلى رفع جهوزيّة القادة للتعامل مع التحدّيات الميدانيّة في البرامج الكشفيّة القادمة.
من أبرز المحطّات التدريبيّة التي شارك فيها قادة كشّافة المقاصد، هذا العام، كانت الدورات المكثّفة لنيل الشارة الخشبيّة التي أُقيمت بإشراف اتحاد كشّاف لبنان وتنظيمه، الهيئة الكشفيّة الوطنيّة التي تجمع تحت مظلّتها معظم الجمعيّات الكشفيّة اللبنانيّة.
وقد شارك عدد من قادة الجمعيّة في هذه الدورات المتقدمة التي تُعدّ من أعلى مراحل التدريب الكشفيّ، والتي تمتدّ لأيام عدّة في أجواء مخيميّة حقيقيّة، يعيش خلالها القائد تجربة ميدانيّة متكاملة. وشملت هذه الدورات محاور متقدّمة في القيادة الكشفيّة، إدارة المخيّمات، العمل ضمن الفريق، التواصل الفعّال، وتنمية المهارات الفرديّة والجماعيّة.
ساهمت هذه المشاركة في رفع كفاءة القادة، وزادت من خبراتهم ومعارفهم، ما سيكون له أثر مباشر في تعزيز جودة البرامج التي سيقدّمونها لاحقًا للوحدات الكشفيّة التابعة لهم.
وفي خطوة تؤكد التزام كشّافة المقاصد الرؤية الشاملة التي تدمج التدريب بالتطبيق، نظّمت مفوّضيّة بيروت في كشّافة المقاصد الإسلاميّة المخيّم الصيفيّ العامّ، الذي أقيم في المدينة الكشفيّة المقاصديّة في عاريا، وهي إحدى أبرز المنشآت الكشفيّة التابعة للجمعيّة والمجهزة لتقديم أفضل الظروف البيئيّة والتربويّة للنشاطات الكشفيّة.
جمع المخيّم، هذا العام، الكشّافين من مختلف الأعمار والمراحل، بدءًا من البراعم والأشبال، مرورًا بالكشّافة والمرشدات، وصولًا إلى الكشاف المتقدّم والجوّالة، ضمن برنامج متكامل هدفه تحقيق التوازن بين الترفيه والتثقيف، وبين التدريب والتطبيق.
تنوّع البرنامج اليوميّ للمخيّم بين النشاطات التدريبيّة التي ساهمت في صقل المهارات الكشفيّة الأساسيّة؛ مثل إشعال النار، بناء المواقد، استخدام الحبال، الملاحة البريّة، والإسعافات الأوّليّة، بالإضافة إلى الورشات الثقافيّة التي فتحت أمام الكشّافين أفقًا أوسع لفهم القضايا الوطنيّة والإنسانيّة والبيئيّة.
كما تضمّن المخيّم سلسلة من الألعاب الترفيهيّة والرياضيّة التي حفّزت روح المنافسة الإيجابيّة والعمل الجماعيّ، وأدخلت جوًّا من البهجة والمرح، ساعد في تقوية الروابط بين المشاركين من مختلف الفروع والمناطق.
تميّز المخيّم أيضًا بالانضباط والتنظيم؛ حيث أشرف عليه عدد من القادة الحاصلين على دورات تدريبيّة متقدّمة، ما أتاح للمشاركين التفاعل ضمن بيئة آمنة تراعي احتياجاتهم الجسديّة والنفسيّة، وتدعم نموّهم الشخصيّ والكشفيّ.
وقد تخلّل المخيّم أيضًا جلسات تقويم يوميّة، حرص خلالها القادة على الاستماع إلى ملاحظات الفتية وتشجيعهم على التعبير عن آرائهم، في خطوة تؤكد النهج التربويّ الذي تتّبعه كشّافة المقاصد في بناء الشخصيّة المتوازنة والمنفتحة.
مع نهاية هذا الصيف الكشفيّ الحافل، يتجهّز قادة كشافة المقاصد الإسلامية وأفرادها لانطلاقة قويّة مع بداية السنة الكشفيّة الجديدة مدعومين بالتدريبات المكثّفة، والخبرات الميدانيّة التي اكتسبوها في المخيّم، ومعزّزين بقيم الانتماء، والمبادرة، وروح الفريق، تبدو الجمعيّة على أتمّ الاستعداد لتقديم سنة كشفيّة استثنائيّة مليئة بالنشاطات الهادفة، والمشاريع المجتمعيّة، والبرامج التربويّة التي تلامس حاجات الفتية، وتواكب تطلعاتهم.